•الرابعة فجرًا :
ليلةٌ طويلة يصحب فيها التوتر قلة النوم والأكل أتساءل مليًا لماذا اخترت لنفسي هذه الدوامة ؟
لماذا اخترت أن أكون طبيبة ؟
مالذي يدفعني للإستمرار في ضغط كهذا :" ؟
> هي أسئلة تبدو طبيعية لطلبة الطب وسط كومة الضغوطات تلك
زفرة طويلة .. يارب اعني يارب
•الثانيةَ عشرَ ظهرًا :
أرتمي بجسدي المنهك على أقرب كرسيٍ في جناح المرضى ..
أكاد أبكي من شدة الإرهاق والتعب صدقًا مالذي دفعني لأكمل إلى هذه الساعة ؟
مالذي يدفعني إلى عدم التوقف أو السقوط من شدة التعب ؟
في خضم تلك الأسئلة تذكرت بأنني لم أزر طفلتي الصغيرة في وحدة الحروق اليوم ..!
• عند باب الحروق الزجاجي
أجهز نفسي للدخول .. أتوشح معطفًا أصفرًا واقيا وغطاءًا للأحذية ..
اسمع جلبة من الداخل ثم كائنٌ صغير يركض نحو الباب الزجاجي
ويهتف بانفعال : ميمي ميمي *.*
- غرامي حبيبتي انتِ شلونج ؟
تحتضنني بلطف وبراءةٍ شديدة ثم تصرخ بي:
ـ شوفي عندي دبدوووب جديد و حلاو وعلكة
اتجه معها الى غرفتها التي تغص بالهدايا والالعاب .. لحظات نسيت معها كل ذلك الإرهاق الذي كاد يرديني ..
وكأن الزمن توقف في هذه اللحظة جرعات من السعادة لا استطيع وصفها !!
أتأمل في صغيرتي " مالذي فعلته ياغرام " ؟
مالذي فعلته بي طفلة الخمسة سنوات ؟
تبادرت في ذهني هذه التغريدة :
"@DrAlyaaAhmad: هذا الطب إدمان عجيب يعذب فيك الاحتمال حتى تقرر الرحيل ،، ثم فجأة يغريك في لحظة فتتابع الطريق .. #عليائيات "
عند هذه النقطة بدأت أتأمل ..!
فعلا عجيب مالذي يدفعني ومن حولي هنا للمضي قدمًا ؟
مالذي يدفعني أن أرفض توسلات جسدي الذي لم ينم إلا ساعتين ولم يدخل في جوفه إلا وجبه واحده خلال الـ ٢٤ ساعة الماضية ؟
يمر بي شريط اليوم سريعًا ..
كيف لي أن أنسى ابتسامات الامتنان من المرضى في " الراوند" الصباحي :) .. بل وكيف أنسى فتاةً احتضنت يدي بقوة شديدة بعد أن حاولت التخفيف عنها خلال العمليات الجراحية لليوم الواحد بل وأتبعتها بلطفٍ شديد :
شكرا دكتورة شكرا لأنك طمنتيني كنت مرة خااايفة ..!
أوه والعجوز التي سألتني في طريقي :
ـ دكتورة وين الطوارئ ؟
ثم امطرتني بوابل دعواتها بمجرد أن دللتها الطريق
ـ الله يوفقك الله يوفقك الله يسهل عليكي يابنتي الله يسهل عليكي ..!
ثم السعادة في عين" غرام " الصغيرة ..
كل تفاصيل السعادة تلك في يوم واحد ..!
بالله عليكم ألا يستحق الأمر كل تلك المقاومة ؟
ألا يستحق العناء ؟
ترفق أيها الطب ترفق بنا .. كيف لك أن تسرقنا من أنفسنا هكذا دون أن نشعر ..!
هنا أجد إجابة لأسئلتي الليلة الماضي ..
نعم أنا هنا في هذه الدوامة لأجل ابتسامة طفل وسعادة مريض ودعوات عجوزٍ كهلة ..أانا هنا لأن كل هذا التعب سيبدو لذيذًا جدًا بعد أن تحاول أن تعطي وتعطي وتعطي ولو باليسير ..
يارب أصلح نوايانا ويسر أمرنا وارزقنا البركة والمثوبة والتوفيق ()~
*مخرج :
"@mohdiriye: الطب يذهب ماء العين
ويعلمك أن العطاء بلا حدود
مرهق .. لكن لذيذ .. ساعة نوم
بعد يوم طويل .. لاتساوي
لذة مريض قديم ! "
صدقَ وصدقَ وصدقْ :")
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق