الأحد، 19 يناير 2014

| طوارئ | على متن الطائرة ~


في انتظار اكتمال عدد الركاب في الطائرة احتضن روايتي وقلمي و يسرقني التأمل
 أسئلة تموج في مخيلتي بغته :
من أنا تحديدا ؟ من سأكون ؟ مالذي ينتظره ٧ مليار نسمه في العالم مني ؟

شريط الأشهر الماضية بتفاصيلها سنين الطب امممم هل قلت سنين الطب ؟ 
علت ابتسامة على ثغري وأنا أتذكر خطوات معالجة 
المصابين بالـ "pnemothorax"
 على متن الطائرات والتي أخبرنا أستاذنا عن قصصها مرارًا ، مالذي سأفعله إن صادفتني إحداها ؟

هه ! انفض الفكرة عن رأسي "ماهذا الهوس أيسكنني الطب لهذا الحد ؟!"

تقطع حبل تأملاتي هتافات الأطفال ليعدوني لروايتي التي أحمل  ..

•••••••••••••••••••••••••••••••••••
مضى ثلث الرحلة تقريبا ..
ثم كان النداء
"يوجد مريض في الطائرة على أي طبيب أو ممرض التوجه و التعريف بنفسه لملاحيّ المقصورة"

أنصت مجددا !!

" أكرر مريض في الطائرة على أي طبيب التوجه لملاحيّ المقصورة "
ترجّلت من مقعدي معرفة عن نفسي

ـ مريم العمر طالبة طب كيف يمكنني المساعدة ؟

استطعت جيدا أن أميز نظرات النجاة في عينيها 
هتفت بإنجليزية مضطربة
 " Oh God , someone can't breath "
اووه وأخيرا أحدهم هناك غير قادر على التنفس

-لامشكلة قوديني إلى هناك 

أدلف إلى هناك محاولة استذكار قواعد الإسعافات الأولية في حالة كهذه ..

تشير للمضيف طالبة طب على الطائرة ستخبرك باللازم فعله !!!! 

أصل لأجد امرأة في منتصف العمر تتصارع مع وعيها و أنفاسها 
- خالة تسمعيني ياخالة ؟ خالة خالة 
النبض سليم 
أهتف مجددا :
- خالة سامعتني ؟ تومئ لي بهدوء 
تنفستُ الصعداء الحمدلله أنها واعية

عمي عندها سكر ، ضغط ، حامل ؟
يجيبني الزوج المفجوع لا أبدا

يقاطعني المضيف نركب لكِ الأوكسجين يادكتورة ؟!

في هذه اللحظة تحديدا بدت النظرات مرتكزة عليّ الملاحين الزوج و الركاب الهلعين المجاورين* للمريضة شعور غريب لوهلة تبدو أنت أهم أسباب النجاة بعد الله أي مسؤولية تلك *

استعدت رباطة جأشي وواصلت : المكان هنا مرة ضيق ومكتوم ننقلها لمكان أوسع أفضل 
- أكيد أكيد زي ماتشوفين يادكتورة

استقرت المريضة في موقعها الجديد
 مزيدٌ من الأسئلة اكتشفُ فيها أنها للمرة الأولى تستقل طائرة ربما الهلع إذا !

- الأوكسجين يادكتورة ؟

*كم لترا احتاج يارب ألهمني

ثم فجأه يتقدم أحدهم من مؤخرة الطائرة مشهرًا هويته لي :
- " فلان الفلاني " ممرض ، الأخت دكتورة ؟
- طالبة طب

شرح سريع للحالة ثم اتمام الخطوات اللازمة و قرار بأن نبقيها تحت الملاحظة والأوكسجين طوال الفترة المتبقية من الرحلة ..

•••••••••••••••••••••••••••••••••••

"على جميع الركاب العودة إلى مقاعدهم وربط أحزمة المقاعد استعدادا للهبوط "

تشير لي المضيفة عودي لمقعدك سأتكفل بأسطوانة الأوكسجين 

- قدامج العافية ياخالة ، ماتشوفين شر يارب

تحط الطائرة على استقبال سيارة الإسعاف ودعوات لطيفة غمرتني بها وشكرٌ وفير من الطاقم 

أنزل من السلالم وفي ذهني تموج أسئلة الصباح  هل وجدت الإجابة ؟ ربما !


" رب كما قدتني لهذا الطريق أعنّي وسددني واجعلني لهذه الأمانة أهل "

هناك تعليق واحد:

  1. ذات الموقف حصل معي قبل شهرين تقريباً ، نفس التفاصيل الحرجة والربكة الأولى ، نفس التفكير الطبي المجنون "ماذا لو احتاجك أحد هنا" ونفس الضحكة المجنونة ضحكتها وانا انشغل في كتابي ، والرهبة ، الرهبة حين سمعت النداء ، الشاب الصغير يشهق ويختنق ، وقفت امامه واسقط في يدي ، ماذا لو كان يحتضر ، ماذا افعل انا الطالبة المتواضعة في مواجهة الموت ؟
    عرفت بعد فحص سريع واسئلة سريعة أنها حالة فوبيا لا أكثر ، الاوكسجين كان كافياً وكذلك طمأنة الأخت الخائفة والركاب والمضيفين ، وعدت لمقعدي ابتهج ولكن بتوتر ..
    الدرس المستفاد أننا نعم ، نحمل شيئاً كبيراً لهذا العالم الكبير ، "والله يقدرنا" ..
    بوركتِ يا صديقة ..

    الهنوف ..

    ردحذف